(بقلم نور الدين الناصري)
تشكل التربية الدامجة، باعتبارها مقاربة تربوية جديدة تروم إدماج الأطفال في وضعية إعاقة، أحد أبرز التحديات التي تواجه المنظومة التربوية في جهة فاس – مكناس.
وقد أصبحت التربية الدامجة، التي من شأنها الاستجابة لحاجات المتعلم المتعددة، من أبرز المسائل المطروحة بقوة، حيث عرفتها منظمة اليونسكو بكونها تربية مبنية على حق الجميع في تربية ذات جودة تستجيب لحاجات التعلم الأساسية وتثري وجود المتعلمين، وذلك من خلال تعزيز إدماجهم في التعلم والحد من الهدر المدرسي.
ويتوفر المغرب حاليا على إطار سياسي وتشريعي مناسب لإرساء منظومة تربوية مدمجة، كما يحظر دستور 2011 في ديباجته أي شكل من أشكال التمييز على أساس الإعاقة، وذلك من خلال الفصل 34 الذي يدعو السلطات العمومية إلى تطوير سياسات عامة لتأهيل الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقال مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لفاس – مكناس، محسن الزواق، بخصوص التربية الدامجة، إن عدد التلاميذ في وضعية إعاقة خلال الموسم الدراسي 2022/2023، يقدر بـ3939 تلميذا بالجهة، بينما يبلغ عدد المؤسسات التعليمية الدامجة حوالي 747 وحدة. وأكد السيد الزواق، في ندوة صحفية، عقدها بفاس بمناسبة الدخول المدرسي 2022/2023، أن عدد الشركاء على الصعيدين الجهوي والإقليمي يصل إلى 39 شريكا. من جهتها، اعتبرت المديرة الإقليمية للتربية الوطنية بمكناس، وفاء شاكر، في تصريح للقناة الاخبارية (M24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف من التربية الدامجة هو تمكين جميع الأطفال في وضعية إعاقة من الالتحاق بالمدارس التي يرتادها أقرانهم والتعلم ضمن نفس البيئة المدرسية التي توفر لهم شروط النجاح.
وأبرزت السيدة شاكر، أن ذلك يتم من خلال تكييف التعلمات وطرق وتقنيات العمل مع قدراتهم وخصوصيات كل صنف من أصناف الإعاقة، بالإضافة إلى توفير التأهيل المواكب في فضاءات متخصصة يرتادها المتعلم حسب برمجة زمنية وفق مشروعه البيداغوجي الفردي. وأشارت إلى أن عدد الأطفال في وضعية إعاقة المتمدرسين على مستوى عمالة مكناس، يبلغ حوالي 954 طفلا، موزعين بين الثاتوي التأهيلي (41 تلميذ)، والثانوي الإعدادي (123 تلميذ)، والتعليم الابتدائي (780 تلميذ)، والتعليم الأولي (10 تلاميذ).
وقالت السيدة شاكر، إنه تم اعتماد آلية شراكة مع جمعيات المجتمع المدني من أجل تنفيذ البرنامج الوطني للتربية الدامجة لفائدة التلاميذ في وضعية إعاقة، وتحديدا تدبير قاعة الموارد للتأهيل والدعم، مضيفة أن المديرية أبرمت في هذا الإطار سلسلة من اتفاقيات الشراكة مع جمعيات المجتمع المدني الناشطة في هذا المجال. وأوضحت أن المؤسسات الدامجة تقدم خدمات خاصة لفائدة التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة من الذكور والإناث، ويتعلق الأمر بمجالات الدعم الطبي وشبه الطبي، والدعم النفسي والاجتماعي والتربوي، فضلا عن الخدمات المقدمة في الوسط المدرسي لجميع المتعلمين. كما أبرزت المديرة الإقليمية للتربية الوطنية المرجعيات المعتمدة في هذا الشأن، لاسيما أحكام الدستور الجديد، التي تنص على حظر جميع أشكال التمييز بما في ذلك على أساس الإعاقة، وكذا التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تكافؤ الفرص والإدماج وضمان مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة بصورة كاملة وفعالة في الحياة الاجتماعية والجهود الرامية إلى تحقيق التنمية، فضلا عن المقتضيات التي تضمنها البرنامج الحكومي في هذا الإطار. واعتبرت رئيسة مكتب التربية الدامجة، السيدة كريمة بشي، من جهتها، أن هذا المشروع الذي انطلق سنة 2021 بإحداث 13 قاعة للتأهيل والدعم، تعزز خلال العام الحالي بإحداث 13 وحدة أخرى، مشيرة إلى أنه تم إدماج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الفصول العادية في جميع المؤسسات التعليمية من أجل تعليمهم كل ما هو طبي وشبه طبي بدعم من جمعيات المجتمع المدني. فيما أبرزت الدكتورة إقبال طيبي، الأخصائية في العلاج النفسي الحركي، مختلف الأنشطة التعليمية وشبه الطبية التي يستفيد منها الأطفال بهدف تسهيل تعليمهم واندماجهم في المجتمع.
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية حددت العديد من أنواع صعوبات التعلم، التي من بينها عسر القراءة والكتابة، ونقص الانتباه، تظل التربية الدامجة مقاربة واعدة ومناسبة من شأنها الاستجابة للعديد من احتياجات التعلم في المنظومة التربوية.